الإشكالات القانونية المتعلقة بإدارة الانتخابات

بقلم: الدكتور مصطفى ولد البح

 

إن مجمل النقاط والشروط التنظيمية المطروحة في الحوار الوطني الجاري الحديث عنه لا تبدو صعبة التحقق رغم بعض الإشكالات القانونية والسياسية التي تأخذ وقتا لم تعترف الأطراف بعد بأهميته.

1- فموضوع الحكومة التوافقية قد يكون مطروحا للقبول من طرف النظام أو إعادة تحويره بالتركيز على الضمانات المتعلقة بالإدارة المباشرة  ومسألة المؤسسات الإعلامية كالهابا وغيرها.

2- المجلس الدستوري والحديث عن علاقته  بالحوار : حيث تم طرحه  مرات بعضها من الموالاة فيما يبدو قبل المعارضة فلا يخلوا من أحد خيارين :

- أن يقتصر تغييره على إعادة التشكيل المتعلق بإعادة تعيين أعضائه المكونين من تسعة أعضاء أربع منهم يعينهم رئيس الجمهورية وثلاثة يعينهم رئيس الجمعية الوطنية واثنين يعنيهم رئيس مجلس الشيوخ، حيث يمكن أن يتم تحديد الأسماء من خلال التوافق الوطني ويتم التعيين بموجب قانوني النظام يصادق عليه البرلمان يلغي ويحل محل القانون النظامي رقم 39/2012 بتاريخ 19 يوليو 2012 المحدد لإجراءات إعادة تشكيل المجلس الدستوري، رغم بعض الجدل الذي يمكن أن يثار حول مأمورية أعضاء المجلس الدستوري المحددة بتسع سنوات يجدد ثلثها كل ثلاث سنوات، لكن هذا الجدل يمكن تجاوزه قانونيا لو تم إصدار القانون كما ذكرنا سابقا وتم اعتبار نهاية مأمورية بعض أعضاء المجلس الدستوري التي ربما قد انتهت بالنسبة لغالبيتهم، إضافة لاعتبار التوافق الوطني.

 

- أما إذا تطرق الحوار لزيادة أعضاء المجلس الدستوري ليكون مثلا من ضمنهم الرؤساء السابقين على غرار ما هو حاصل في فرنسا أو تم اقتراح الزيادة في العدد لأكثر من تسعة الموجودة الآن، أو أن يكون اقتراح تعدد عضوية المجلس أوسع مما هو منصوص عليه الآن كأن يكون لمؤسسة المعارضة دورا في اختيار بعض أعضائه أو التشكيلات البرلمانية أو جمعيات المجتمع المدني... مع العلم أن تقلد المهام في المجلس أو اللجنة  يشترط في أصحابها بعض الشروط الشكلية والموضوعية منها أن لا يكونو في الهيئات القيادية للأحزاب السياسية وإن تم اقتراحهم من هذه الأحزاب أو الهيئات التشريعية والتنفيذية المنبثقة عنها ( الحكومة والبرلمان ) 

 

أو تطرق الحوار لزيادة مأمورية أعضاء المجلس الدستوري على خلاف ما هو موجود في الدستور الآن فإن هذه المقترحات لا يمكن تطبيقها إلا بمراجعة الدستور، خاصة أن الدستور الحالي يحوي مواد انتقالية في آخره متعلقة بصلاحية البرلمان (مجلس الشيوخ مثلا، كأحد غرفتيه) الممتدة إلى حين تجديده فإن ذلك سيتطلب تعديلا للدستور المواد: 81ـ88 وهذا التعديل لن يجد طريقه لاكتساب الشرعية إلا بمؤتمر عام للبرلمان يصادق عليه، أو باستفتاء للشعب وفي كل الحالات سيكون من الوارد قانونيا أن يضاف لهذا التعديل أحكام انتقالية سواء وردت في نص تعديل الدستور المقترح أو في قانون دستوري مكمل تتعلق بتمديد مأمورية رئيس الجمهورية إلى أن تتم الدعوة لهيئة الناخبين بشكل قانوني يلغي الدعوة الماضية التي صدرت بموجب المرسوم الرئاسي الصادر 20/04/2014.

 

وهكذا يمكن أن يؤدى ذلك صراحة أو ضمنا إلى إعادة العمل بأحكام الدستور بشكل جديد يعيد احتساب مأموريتي رئيس الجمهورية ابتداء من انتخابه المقبل إن لم يتم طرح التعديل الصريح للمواد: 25، 26 من الدستور المتعلقتين بتحديد مأموريتين فقط لرئيس الجمهورية الذي سيتنصل في هذه الحالة من المسؤولية المباشرة عن مقترح التعديل إلى ما أخذ شرعيته من التوافق الوطني.

 

 3- أما بخصوص اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات CENI ، فهناك شبه اتفاق على عجزها  حتى من الأطراف التي شكلتها وهذا من المفارقات التي تتطلب توقفا ، ولذلك فإن التوافق على إعادة تشكيلها قد لا يضيف جديدا جوهريا للانتخابات الرئاسية رغم كونه أسهل من الناحية القانونية حيث لا تتطلب المسطرة أكثر من قانون جديد للجنة أو تعديل جزئي في المواد المتعلقة بتشكيلتها في القانون النظامي رقم 27/2012 المتعلق باللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وذلك للأسباب التالية:

 

 1. كون اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات استفادت من تجربة الانتخابات التشريعية والبلدية المتزامنة الماضية بما قد يؤهلها أن تتجاوز أعطائها في انتخابات رئاسية جديدة خاصة إذا تم تحسين عملها في جوانب فنية وسياسية وإدارية منها مثلا: إعادة اكتتاب ممثليها الجهويين والمحليين، الجاهزية الفنية لتسليم المحاضر والقبول السياسي بمراقبين مستقلين وطنيين وخارجيين، أن يكون لها دور أكبر في رقابة الإدارة... إلخ.

 

 2. أن دور اللجنة في الانتخابات الرئاسية من الناحية القانونية أقل من دورها في الانتخابات الأخرى لأن كثيرا من الصلاحيات النهائية في الإشراف والتنظيم يعني بها المجلس الدستوري.

 

 3. أن المشكلة الجوهرية في تنظيم الانتخابات لا يمكنها حلها بإعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات وإنما هناك مسائل تتجاوز صلاحياتها ودورها الإشرافي أكثر أهمية أحيانا في تحصيل الضمانات القانونية والسياسية المطلوبة بنزاهة الانتخابات وتكريس الديمقراطية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر دور الإدارة الإقليمية والمحلية في الانتخابات خصوصا في الجوانب المتعلقة بالترخيص والأمن والنفوذ فضلا عن دور الإعلام الرسمي والخاص وسيطرة الدولة...

 

 

البحث

آخر الإصدارات

إعلان

المركز على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox

وحدات المركز

وحدات