المركز ينظم ندوة عن إدارة الهجرة بين المصالح الوطنية وحقوق الإنسان والالتزامات الخارجية

نظم المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية مساء السبت في العاصمة نواكشوط، ندوة تحت عنوان: "موريتانيا وإدارة الهجرة بين المصالح الوطنية وحقوق الإنسان والالتزامات الخارجية"، حضرها جمع من السياسيين والأكاديميين والباحثين والإعلاميين.

وفي كلمته الافتتاحية قال مدير المركز، الأستاذ صبحي ولد ودادي  أن تناول موضوع الهجرة "يستلزم نقاشها بشكل يستحضر الأبعاد المركبة لهذا الموضوع، وعدم النظر إليه من زاوية واحدة، فاعتبار إدارة موضوع الهجرة باعتبارها مشكلة حقوقية فقط، والتغاضي عن تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية كحالة ديموغرافية غير منضبطة، أو تناولها في غفلة من تأثيراتها الممكنة على الجاليات الموريتانية، ودون استحضار للعلاقات الخصوصية مع بلدان الجوار، والاتفاقيات المشتركة ذات الصلة بتنقل الأشخاص والبضائع، كل هذا هو اختزال للحقيقة، وتبسيط للموضوع، وتجاهل لجملة من الحقائق التي تشكل الخطوة الأولى نحو الخلاصات السهلة والمعالجات الخاطئة". 

ودعى المدير إلى نقل النقاش من مشكلة إقليمية أو أزمة بين دول الجنوب إلى مشكلة عالمية، يجب أن تتحمل عبأها بلدان الشمال الأوروبية والأمريكية، "فحالة الهجرة غير السرية هي نتاج أوضاع اقتصادية واجتماعية، يتحمل الغرب ـ على الأقل ـ المسئولية عن أسبابها العميقة، إن لم نقل إنه يتحمل وزر مسبباتها الحالية والمباشرة، فالرخاء الاقتصادي في البلدان الأوروبية وأمريكا الشمالية هو نتاج نهب غير مسبوق للمواد الأولية.

وفي كل الأحوال فإن أخطر ما يمكن أن تواجهه هذا الموضوع هو تحويله إلى نقاش أيديولوجي، هوياتي، ينقسم فيه المجتمع الموريتاني بين مناصر ومعارض، بل يجب النظر في البحث عن مقاربة تنتج آليات تدير هذا الموضوع بما يحقق حفظ المصالح الوطنية العليا، ويراعي مقتضيات الالتزامات الخارجية (وأقصد بها بين بلداننا كأفارقة أشقاء)، ويرفض النيابة عن أوروبا في حماية بواباتها الجنوبية، قبل أن يتم ذلك في إطار التزام عالمي تاريخي برد الحقوق وإنصاف البلدان الفقيرة، ومراجعة كثير من قواعد العمل الدولية ( من احتكار التقانة إلى استنزاف الموارد إلى محاربة الاستقلال الداخلي لبلداننا، وإعاقة التنمية السياسية والاقتصادية لبلداننا). وأي التزامات جزئية مقابل الفتات هي تماه مع دور غير شريف ..

ودعا المدير إلى رفع مستوى النقاش من أزمة إقليمية تهم دول الجنوب إلى قضية دولية، يتحمّل فيها الغرب – وخصوصاً دول الشمال الأوروبية وأمريكا – جزءاً كبيراً من المسؤولية التاريخية عن أسباب الهجرة غير النظامية، نتيجة سياساته في استنزاف الموارد الأوّلية واحتكار التقانة.

وحذّر مدير المركز من مخاطر تحويل هذا الملف إلى مادة للصراع الإيديولوجي والهوياتي داخل المجتمع، داعياً إلى بلورة مقاربة وطنية شاملة توازن بين حماية المصالح العليا للبلاد وصون حقوق الإنسان، مع احترام الالتزامات الدولية والإقليمية.

 وحاضر في الندوة الأستاذ أحمد مبارك عن محور "التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لمكافحة الهجرة غير النظامية"، فيما قدّم الأستاذ الباحث محمد الأمين ولد القاسم محورا عن "تأثيرات مكافحة الهجرة على تسهيلات تنقل الموريتانيين في دول غرب إفريقيا".

وقدّم الكاتب الصحفي كيسيما جاكانا محورا عن "قراءة في إعلان مكافحة الهجرة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي" فيما قدّم الأكاديمي المختار ولد بلاتي محورا عن "مراعاة حقوق الإنسان وآليات مكافحة الهجرة".

وشهدت الندوة مداخلات مع عدد من الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين والحقوقيين، نوهوا خلالها بأهمية الحفاظ على الحوزة الترابية، مع مراعاة النظم الدولية والقوانين المعمول بها في مجال الهجرة وحقوق الإنسان عمومًا، والتوجيه بأهمية الحفاظ على العلاقات القائمة مع دول الجوار.