من أعلام خمسينية الاستقلال |
يقدم الإصدار الثاني للكاتب سيدي أعمر ولد شيخنا كوكبة من علماء وقادة موريتانيا في ثوب كتاب حمل اسم "من أعلام ومشاهير خمسينية الاستقلال". الكتاب الأول من نوعه في البلد حاز تراجم مختلفة الطول لأربعة وخمسين علما من جيل موريتانيا الأول .. يوحدهم تبوؤ مراكز اجتماعية حملتهم إليهم عصاميتهم الفذة، وإسهامهم الباذخ في حياة موريتانيا. بين ديوان المؤرخ، وعيادة الطبيب، وحلقة العالم، ومجلس الفنان، وسامر الشاعر، وساحة السياسي، وبندقية العسكري، يطوف بك قلم ولد شيخنا مواجها إياك ورجالا سطروا صفحات حياتك.. صنعوا لك تاريخا من نور!!. ثلاث مقدمات لكتاب:
يبادئ الكتاب الفريد قارئه بثلاثة خطابات تقديمية يتصدرها تقديم لطيف لمدير المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأستاذ محمد محمود ولد الصديق وضع فيه الكتاب في سياق خمسينية الاستقلال منوها إلى " أن تنوع هؤلاء الأعلام واختلاف اهتماماتهم من علمية وسياسية وثقافية وفنية .. يعكس طبيعة وثراء الذات الوطنية بمختلف مضامينها ومحتوياتها، وهو التنوع الذي حرصنا على أن نعكسه كما هو واقع، وأن يمثل على صفحات هذا الكتاب بكل صدق وأمانة" (ص، 9). وفي ثاني الخطابات يطل علينا الصحفي والكاتب اللامع محمد الحافظ ولد الغابد بحصالة رصينة أضفت على غاية الكتاب عمقا تحليليا وعمقت سرديته بنفس فكري متسق؛ "فاضت معها التراجم دررا تسجل جانبا هاما من تاريخ المجتمع الموريتاني المعاصر، في لفتة تنبئ عن رسوخ قدم الباحث الذي أماط لثام الصحراء البرزخية عن كوكبة من الأعيان كانت لهم في تاريخنا الوطني بصمات لا تنمحي وذكريات لا تنسى" (ص 11).
ويدرج الصديق الوفي للمؤلف الكتاب ضمن القسم المتعارف عليه عند أهل الصنعة بالتاريخ الكبير، مستحضرا صعوبة التأريخ الاجتماعي، لكونه يتطلب " تسجيل وقائع التأثر والتأثير في حياة الوطن والأمة" (ص، 13.) مؤلف الكتاب هو الآخر يدلي بمقدمة وجيزة روى فيها، بشكل غير مباشر قصة الكتاب، ناعيا على أهل القطر عدم اهتمامهم بتراجم الأعلام، عازيا ذلك إلى ضعف الحس الوطني. كاشفا عن السبب وراء العناية بالموضوع؛ فالنقلة النوعية التي عرفها القطر بعد الاستقلال، ونقلت ناسه من مجتمع بداة رحل إلى ساكنة مدن لهم مؤسسات ترعى مصالحهم برز معها "ساسة وطنيون وفاعلون اقتصاديون وأئمة جوامع، ورجال تربية وتعليم وضباط وقادة عسكريون ورجال قانون وقضاة وفنانون لهم شهرتهم .. لقد حفلت الخمسينية بأسماء لامعة في شتى المجالات مما يستوجب الكتابة عنها وتدوين تاريخها حتى تتعرف الأجيال الجديدة على هؤلاء الأعلام وتقدر إسهاماتهم الريادية" (ص، 15.) الشهرة، والإسهام الوطني، والوفاة، ومعاصرة الدولة، والحياة إلى عشر سنوات بعد الاستقلال، شروط يجب توفرها لاجتياز الشخصية الغلاف الأيمن للكتاب. تنوع ينضح بالثراء:
سبعة علماء، وتسعة سياسيين، وستة قضاة، أربعة عسكريين، فنان، ومؤرخان، وثلاثة شعراء، أربعة دعاة، صحفيان وحلاق، طبيب وستة أدباء، ثلاثة زعماء وإداري واحد، تاجر وثلاثة مثقفين، ووزيران .. أقمار اختار سيدي أعمر أن يهديك تعريفها في مؤلفه.
خريطة تغطي موريتانيا بألوانها، وأعراقها، وجهاتها.. وغطى عبق ذكرياتها صفحات الكتاب.. لا ينغصه سوى بعض الأخطاء القليلة في الطباعة. وختم ولد شيخنا الكتاب بسرد أسماء واحد وعشرين شخصية تعهد بأن تضمهم الطبعة الثانية منه، بعد أن ضاقت عنهم الطبعة الأولى.. الحلية. قبس من تجديد بداه، نفس من إحياء الحاج محمود با، وأثارة من موسوعية عدود، ونسمة من أثير ولد آكاط، وفاصل من أحكام ولد الطالب اعبيدي، وحزة من مقص ولد الدوكي، وإلماعة من تأريخ ابن حامد، ورنة من وتر ولد الميداح، ونور من هدي الحاج فودي سيسي، وشذرة من إبداع ولد مكي، ونتفة من أدب خي باب شياخ، وموقف من حضور الحضرامي ولد خطري، وعبير من ترتيل محمد ولد محمذ فال ، ولبنة من تأسيس عثمان ولد بكار، وملحة من أدب الطيب ولد ديدي، وسلسلا من شراب الطبيب عبد الله ولد أوفى، ولفتة من سامر محمدن ولد سيدي إبراهيم ... وطلقة من بندقية كادير ..إضافة وإضاءة من كل واحد من جيل عاصر ميلاد الدولة ..سقى رباها عرقا أو دما أو مدادا.. هذا هو ما جمعه لك بجهد مضن قلم سيدي أعمر ولد شيخنا في مائتين وخمسين صفحة من الحجم الصغير. "وأنا ضامن لك مع ما قلبت صفحة من الكتاب نكتة ظريفة أو طرفة لطيفة أو فائدة تربوية شريفة .." على حد تعبير الأستاذ محمد الحافظ ولد الغابد. فاتحة وفاء:واحد من الأعلام الذين غابوا عن الكتاب دون إذن ولد شيخنا حضر في وجدان المؤلف فأهداه شارة الوفاء ليتذوق معه القارئ ألم الحزن على علم لم يعاصر بزوغ شمس الدولة .. لأن شمسين لا يأتلقان في سماء واحدة .. فاذرف دموعك على شهيد الحج الأكبر على عبد الرحمن ولد محمد أحمد واذكرها فاتحة وفاء تكلل جبين الكتاب.. محمد عبد الله ولد الحبيب |