قراءة في التقرير العام لموريتانيا 2014

altصدر عن المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية  "التقرير العام لموريتانيا 2014 " الذي يقدم بالرصد والاستقراء والتحليلحصيلة كلية عن الحالة العامة للبلد خلال هذا العام  بمختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية.

ويعدّ هذا التقرير تجربة متميزة سعت إلى سد الفجوة الملاحظة في مجال التقارير المعنية بالشأن الموريتاني، وقد صدر عدده الأول في مارس 2014  وكان عددا مزدوجا غطى سنتي 2012 و2013  وقد حظي برواج واسع منذ ذلك الحين نظراً لشموليته والتزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.

 

محتويات:

عرض التقرير في محوره الأول للوضع السياسي فرأى أن أبرز ما طبع المشهد السياسي خلال العام هو استمرار الأزمة السياسية رغم تنظيم الانتخابات العامة نهاية العام 2013 وتنظيم الانتخابات الرئاسية وسط العام 2014  وذلك بسبب فشل مساعي الحوار التي هدفت إلى تنظيم انتخابات توافقية، مما أدى إلى مقاطعة  غالبية الطيف المعارض لهذه الانتخابات.

كما توقف التقرير عند العلاقة المطربة بين الحكومة والإسلاميين التي كادت أن تدخل منعرج التأزم بعد حل وزارة الداخلية لكبرى الجمعيات المحسوبة على الإسلاميين "المستقبل" بتهمة التحريض على التظاهر، قبل أن تشهد العلاقة انفراجة كان من مظاهرها عدم سعي الإسلاميين إلى تحريك الشارع ضد النظام، وقبول الحكومة بتنصيب أحد قيادات حزب تواصل المحسوب على الإسلاميين  زعيما للمعارضة بعد نحو سنة من التأجيل.

وقدم التقرير أيضا حصيلة تطورات الملفات المرتبطة بالوحدة الوطنية في أبعادها العرقية والفئوية، ورصد الأوضاع الداخلية للأحزاب الموريتانية وعلاقاتها، وكذلك الأمر بالنسبة لأهم التكتلات السياسية.

وغير بعيد عن المشهد السياسي رصد التقرير في محور ثان واقع مجمل المؤسسات ذات الطبيعة الدستورية أو السياسية من جهتي الصلاحيات الممنوحة لها والدور الواقعي الذي قامت به، ليخلص إلى أن هذه المؤسسات ما زالت بعيدة عن المؤمل منها من أداء مؤسسي وحَدِّ من تغول الأجهزة الحكومية. وأنه يلزم الكثير من أجل قيامها بهذا الدور سواء في توسيع صلاحياتها أو تمكينها من القيام بهذه الصلاحيات.

وفي المحور الدبلوماسي عرض التقرير لعلاقات موريتانيا الثنائية والإقليمية بالدول والمنظمات ذات العلاقة الخاصة بالبلد، فرآى أن أبرز ما ميز علاقات موريتانيا بمحيطها المغاربي هو اقتراب موريتانيا مع الجزائر وجمود علاقاتها مع المغرب وهو ما انعكس على موقفها من بعض التطورات التي شهدها ملف  قضية الصحراء.

وبالنسبة لدول الخليج لاحظ التقرير تحسنا قويا لعلاقات موريتانيا بمحور السعودية-الإمارات مستدلا بالزيارت المتعددة لمسؤولين موريتانيين إلى الإمارات والنشاطات المكثفة للسفير السعودي في نواكشوط.

أما بقية الدول العربية فقد ظلت علاقات موريتانيا بها على وتيرتها الروتينية باستثناء الجهد الكبير الذي قامت به موريتانيا عند ترأسها للاتحاد الإفريقي لرفع تعليق عضوية مصر في الاتحاد.

وفي المحيط الإفريقي لموريتانيا رصد التقرير رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي وكيف تعامل الرئيس مع أزمات القارة (الأزمة المالية-الأومة البركنابية- الأزمة المصرية-الأزمة الليبية).

كما تعرض للكيانات الإقليمية الإفريقية التي أنشأت تباعا هذه السنة (مجموعة الدول الخمس في الساحل، مسار نواكشوط) والدواعي التي تقف خلف إنشائها، ورصد التقرير كذلك الحضور المتزايد لموريتانيا بالبعثات العسكرية الأممية في إفريقيا.

وفي الدائرة الأورومتوسطية عرض التقرير لعلاقات موريتانيا والاتحاد الأوربي، حيث لاحظ أنها شهدت بعض الانكفاء بسبب الجدل الذي لا يزال مستمرا حول تجديد اتفاقية الصيد التي  انتقلت إلى ملف آخر حساس هو القضية الحقوقية في موريتانيا.

كما عرض لعلاقات موريتانيا بأهم الدول الأوربية المرتبطة بعلاقات وطيدة بالبلد وهي فرنسا التي رأى التقرير أنها تركزت على البعد الأمني وإسبانيا التي تركزت العلاقات معها حول مكافحة الهجرة رغم تراجع الدعم المقدم من قبل مدريد لنواكشوط في هذا الملف.

وعن العلاقات الموريتانية الأمريكية فقد رأى التقرير أن أبرز ملامحها في السنة تركيز الأمريكيين على الاهتمام بالملف الحقوقي، خاصة ما يتعلق منه بقضية العبودية ورواسبها كما لاحظ غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن رعاية مبادرة مجموعة الخمسة المتعلقة بالأمن في الساحل.

وأخيرا عرض التقرير لعلاقات موريتانيا وتركيا التي تميزت بتواصل حالة البرود غير المعلنة التي دخلتها منذ سنة 2013 بسبب تباين موقف البلدين من الربيع العربي منذ ذلك الحين.

وختم التقرير شقه الدبلوماسي بتقويم لأداء الدبلوماسية الموريتانية في تطوير التعاون الثنائي مع بلدان العالم والدفع بالمرشحين الموريتانيين للوظائف الدولية والإقليمية وكذلك حلحلة المشاكل التي يعاني منها بعض المواطنين في الخارج (معتقلي كوانتنامو والصحفي المخطوف في سوريا إسحاق المختار).

 

وعن التطورات الاقتصادية والمالية كانت معطيات التقرير مقتصرة على سنة 2013 والنصف الأول من 2014 ، وذلك نظرا لكون التقارير المتعلقة بالتطورات الاقتصادية والمالية لا تصدر إلا بشكل سنوي وجاءت التطورات على النحو التالي:

فقد بلغت نسبة النمو سنة 2013  6.7 بالمائة ، وبلغت قيمة الناتج الداخلي الإجمالي 4 مليارات و163 مليون دولار. وشكل قطاع الصناعات الاستخراجية الرافعة الأساسية لهذا النمو متصدرا القطاعات الاقتصادية في البلد سنة 2013 بنسبة نمو تجاوزت 11% وتشير توقعات 2014 إلى ارتفاع طفيف في نسبة النمو إلى  6.8، وكذلك في قيمة الناتج الداخلي الخام ليصل إلى 4.5 مليار دولار أمريكي.

واستمرت نسب الفقر والبطالة في حدودها رغم حديث الحكومة عن تحسن في هذه المؤشرات. فالسكان تحت خط الفقر يتراوحون بين 16 بالمائة في مدينة نواذيبو و19 بالمائة في نواكشوط و70 بالمائة في الريف، حسب البنك الدولي، كما فقدت موريتانيا ستة نقاط على "مؤشر التنمية البشرية" بين عامي 2013 و2014. أما في ما يتعلق بالبطالة، فرغم أن المعطيات الرسمية تفيد باستقرار نسبتها عند 10 بالمائة، إلا أن ذلك لا يجد في الواقع ما يبرهن عليه

واتسع العجز في ميزان المدفوعات سنة 2013 بنسبة 4.09 عما كان عليه سنة 2012، وهو أمر عائد إلى تراجع التحويلات الخارجية، رغم التحسن في الميزان التجاري وميزان الخدمات والعائدات؛ فقد وصل العجز التجاري سنة 2013 إلى 117.8 مليار أوقية مقابل 145.1 مليار أوقية سنة 2012، في حين كان هناك فائض في ميزان الخدمات والعائدات وصل إلى 42.2 مليار أوقية مقابل عجز بقيمة 311.5 مليار أوقية سنة 2012. وقد واصلت الصادرات الموريتانية نحو الخارج هبوطها الذي بدأته في مطلع العام 2013، لتصل قيمتها في الربع الثاني من عام 2014 إلى: 160.6 مليار أوقية تشكلت أساسا من المعادن والبترول والأسماك، وكانت أوروبا الوجهة الأولى للتصدير. وعلى عكس الصادرات ارتفعت قيمة الواردات ووصلت إلى 268 مليار أوقية في الربع الثاني من عام 2014، ومثلت الكماليات ومشتقات البترول نسبة 58% منها.

فقد كان معدل التضخم السنوي سنة 2013 منخفضا عما كان عليه سنة 2012، كما لم يشهد معدل الفائدة أي تغير، فيما واصلت الأوقية هبوطها أمام العملات الدولية الرئيسية رغم ارتفاع نسبة الاحتياطي النقدي ووصوله إلى مستوى قياسي

 

وفي المحور الاجتماعي رصد التقرير في المؤشرات الصحية تراجعا لمعدل وفيات الأمومة حيث سجلت سنة 2013: 158 حالة وفاة لكل 100.000 ولادة حية (من المسجلين في نظام المعلومات الصحي).

وفيما يتعلق بوفيات الأطفال عزا التقرير  لتقرير لليونسيف صدر سنة 2012 أن 8775 من معدل الوفيات السنوي يموتون قبل إكمال السنة الأولى.

وفي المؤشرات السكنية يذكر التقرير  أن العدد الإجمالي للسكان المستقرين المقيمين في موريتانيا بلغ سنة 2013 ( 3.537.368 نسمة)، موزعين إلى 1.743.074 من الذكور أي ما نسبته (49.3%) و 1.794.294 من الإناث أي ما نسبته (50.7%) فيما تظهر معطيات التوزيعحسبالفئاتالعمريةشبابيةهرمالسكان،حيث تزيد نسبة السكان الذين هم دون سن العشرين على النصف. فيما بلغ متوسط عدد أفراد الأسرة 6.1 شخصا.

كما عرض التقرير بالتفصيل لعدد من المؤشرات الاجتماعية الأخرى مثل (الموارد المائية، الكهرباء، النقل والمواصلات، السكان، الهجرة والاستيطان الحضري، الفقر، الهشاشة الاجتماعية، البرامج والتدخلات الخاصة، الترقية النسوية، الحوار الاجتماعي، الاحتجاجات الاجتماعية)

 

وفي رصده لحال التعليم في البلد سجل التقرير أن معدل التمدرس في التعليم الأساسي وصل  إلى 97% سنة 2013 أما التعليم الثانوي فلم يتجاوز  29.5%  وبلغ عدد المسجلين في التعليم العالي سنة  2014 ، 22693 وهذا التدني في أعداد الطلبة الجامعيين عزاه التقرير  إلى انخفاض نسب النجاح في الباكلوريا، حيث ظلت تتراوح بين 7 و 8% منذ عقدين من الزمن تقريبا.

وفي رصده للحالة الدينية قدم التقرير –اعتمادا على استطلاعات سابقة- مؤشرات رقمية بهذا الخصوص، كما توقف بالقراءة عند عدد من الأحداث التي عرفتها الساحة الدينية والتي كان بعضها ردة فعل على حوادث أساءت لبعض المقدسات الإسلامية، وعرض التقرير كذلك لتداخل المشهد الديني والسياسي مستدلا بحالات وظفت فيها الفتاوي والشعارات الإسلامية  في الانتخابات.

وفي رصده للحالة الثقافية عرض التقرير لنشاطات الوزارة الوصية على الحقل الثقافي والهيئات المستقلة، كما عرض للمحتوى الثقافي في وسائل الإعلام، وحركة النشر والتأليف في البلد وأخيرا تطرق للمشكل الثقافي الذي تعاني منه موريتانيا بوجود ثقافتين غير مندمجتين، لا في التعليم ولا في  الأدب.

 

و عرض التقرير في محور عن "الشفافية والحكامة" مدى توفر  هذين المبدأين في المجالات المالية والإدارية والقضائية بموريتانيا فرصد أجهزة الرقابة المالية (المفتشية العامة للدولة، محكمة الحسابات) وتدخلاتها (حملة التفتيش في الخزائن الجهوية والسفارات) والملاحظات المقدمة عليها (عدم نشر التقارير، التشهير ببعض المسؤولين دون بعض) كما توقف عند الصفقات العمومية التي تنتشر  فيها صفقات التراضي ولاحظ كذلك عدم نشر تقرير اللجنة المكلفة بها منذ 2012

وفي المجال الإداري لاحظ التقرير اختلالات في الحكامة الإدارية بعضها هيكلي ( عدم ثبات الهياكل الوزارية، اختلال التقطيع الإداري للمقاطعات والبلديات، عدم توازن صلاحيات البلديات مع القدرات المالية المخصصة لها) وبعضها متعلق بالعنصر البشري ( مثلا 61% من الموظفين يوجدون في نواكشوط)

أما الحكامة في المجال القضائي فكانت ملاحظات التقرير عليها عدم إقرار التشكلة الجديدة للمجلس الأعلى للقضاء التي نصت عليها التعديلات الدستورية الأخيرة حتى الآن مما يمس من مبدأ استقلالية القضاء التي هي أحد أركان الحاكمة في هذا المجال

كما لاحظ اختلالات في مبدأ الولوج للعدالة تمثلت في انعدام المساعدة القضائية، وضعف تنفيذ الأحكام، وطول بعض المساطر الإجرائية

وأخيرا لاحظ في ما يتعلق بالسجون شدة الاكتظاظ في السجون الموريتانية ولاسيما فيي نواكشوط وأن نحو 50% من السجناء في وضعية احتياطية وليسوا مدانين.

وفي محور حقوق الإنسان رصد التقرير وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا وما شهدته من تذبذب تراوح بين وقوع انتهاكات خطيرة ومكاسب إيجابية تمثلت أساسا في محافظة البلد على  تصدر حرية الصحافة في العالم العربي للعام الرابع على التوالي وإنشاء محكمة خاصة بقضايا الرق والاستعباد.

أما الانتهاكات فكان من أبرز ما سجله التقرير منها:

·       حالات وفاة في ظروف تستدعي التحقيق  لم يتم فيها كشف الملابسات الحقيقية لوفاتهم.

·       انتهاك حق معتقلي "إيرا" في المحاكمة العادلة

·       الوضعية المزرية للسجون التي أدت إلى أن يخوض عدد من  السجناء (في سجون مختلفة) إضرابات عدة عن الطعام لتحسين ظروفهم

·       اعتقال 5 من نشطاء المعارضة بعد كتابتهم شعارات مناهضة للنظام على جدران في انواكشوط

ويحتوي التقرير على كميات هائلة من المعلومات الأخرى المتعلقة بالشأن الموريتاني، حيث تناول كل هذه العناوين بالتفصيل وعرض لغيرها من العناوين الداخلة تحت المحاور العشرة التي انتظم تحتها التقرير، هذا ويمكن الحصول على  التقرير عند  المكتبات التجارية في نواكشوط وفي مقر المركز.

 

 

معلومات النشر:

- العنوان: التقرير العام لموريتانيا 2014

- الناشر: المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية

- المنسق: المختار ولد محمد نافع

- عدد الصفحات: 325 صفحة

- تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2015

- السعر: 4000

- الناشر: توب بريس، الرباط، المغرب 

 

 

البحث

آخر الإصدارات

إعلان

المركز على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox

وحدات المركز

وحدات