التعاون الاقتصادي بين موريتانيا والصين: الواقع والتحديات/ صبحي ودادي |
شهدت العلاقات الصينية- الإفريقية في العقد الأخيرقفزة كبيرة، يُغذيها الانفتاح المتزايد للصين، المصحوبِ بدعم تنموي واجتماعي سخي للقارة السمراء، كما يُغذيها من جهة أخرى تطلع الجانب الإفريقي للبحث عن شراكة مربحة- مربحة، تُنهي ثقافة التعامل الاقتصادي القائمة على أسس احتكارية مشحونة في الغالب بنفَس من رواسب وتراكمات الحقب الاستعمارية. وعلى هذه الخلفية نشأت العلاقات الموريتانية الصينية التي تأسست منذ عقود، وتحديدا في يوليو عام 1965 بعد استقلال موريتانيا عن فرنسا مباشرة. وقد أدت سياسة الصين القائمة على قربها من بلدان العالم الثالث فضلا عن عدمِ وجود ماض استعماري لها في افريقيا إلى تقارب سياسات البلدين، وهو ما تُرجم في مساندة موريتانيا للصين في موقفها الديبلوماسية، كما تجسد في الاهتمام المبكر للصين بموريتانيا من خلال مساعدتها في إنجاز أكبر المشاريع التنموية للدولة الوليدة: (الميناء البحري الوحيد الذي تطل من خلاله موريتانيا على العالم، عددٌ من المستشفيات الكبيرة، مباني عدد من الوزارات بما فيها الوزارة الأولى ووزارة الخارجية، بل والقصر الرئاسي وقصر المؤتمرات..) وكلها تمثل اليوم أهم معالم البنية التحتية للدولة الموريتانية. وقد تُوج هذا التعاون باتفاقيات عديدة، وباستثمارات مباشرة، وبتطور كبير للتجارة البينية، حتى غدا حجم التبادل بين موريتانيا والصين يمثل 28.24% من حجم التبادل التجاري مع بقية دول العالم. وستُعنى هذه الورقة باستعراض مجالات التعاون المختلفة بين موريتانيا والصين من خلال جمع المعطيات المتناثرة لتشكل مرجعا جامعا في هذا الموضوع، دون إغفال ما أثير حول بعض جوانب هذا التعاون من اعتراضات وانتقادات، كما هو حال اتفاقية الصيد البحري التي أبرمت بين موريتانيا والصين في 2011، وووجهت بانتقادات ونقاشات في البرلمان الموريتاني حادة. وذلك من خلال توطئة ومحورين رئيسيين: المحور الأول: مجالات التعاون الاقتصادي بين موريتانيا والصين:
1. تمويل التنمية. 2. دعم التنمية: · الدعم الفني في مجال الزرعة والصيد والطاقة وغيرها. · دعم التنمية من خلال الهبات وتقديم الخدمات. 3. الاستثمارات الصينية المباشرة في موريتانيا.
توطئة عن التعاون الافريقي الصيني: لفهم خصوصية العلاقات الاقتصادية بين موريتانيا والصين يلزم الإلمام بمسار العلاقات الصينية الافريقية التي تأسست على ثنائية المصالح المشتركة وعلى الصداقة البينية التي يمكن أن تشكل أساسا عادلا تحتاجه افريقيا في علاقاتها الدولية، وتضمن موطئ قدم للصين في قارة تزخر بالمواد الأولية ومصادر الطاقة، ويمكنها موقعها الفريد من الإتصال عبر منافذ بحرية متعددة بقارات العالم المختلفة. وقد ظلت الصين تدعو إلى علاقات اقتصادية قائمة على أساس "المساواة والمنفعة المتبادلة، الاهتمام بالنتائج الفعلية، تنويع الأشكال، التنمية المشتركة"[1]، وهي سياسات يحتفي بها الأفارقة باعتبارها تعدل العلاقات الاقتصادية القائمة بين الشمال والجنوب والتي بنيت على أساس من عدم الندية وعلى استغلال ميزان القوى الاقتصادي والتكنلوجي والعسكري لصالح دول المركز. ومن الواضح أن الصينيين يعون هذا الاختلاف الذي يمكن أن يشكل ميزة تفضيلية للصين في منافستها للفاعلين الدوليين في القارة: فـ "الصين وإفريقيا قد تعرضتا لمعاناة متشابهة في الماضي، وظلتا تتعاطفان مع بعضهما البعض وتدعمان بعضا في نضالهما لتحقيق التحرر الوطني، فأقامتا صداقة عميقة بينهما"[2]. على هذا الأساس تشكل تلاق مصالح مشتركة بين الجانبين؛" فلجمهورية الصين مصالح واضحة في إفريقيا: الموارد وتأمين الطاقة والدخول في الأسواق والدعم الدبلوماسي الدولي خاصة في جهودها الرامية إلي عزل تايوان ومن ثم استعادتها، ثم إن إفريقيا كذلك لها مصالح واضحة، فهي تحتاج الصين؛ لأنها توفر مصدرا بديلا للتمويل في إفريقيا، وتوفر مؤسساتها بشكل سريع سلعا رخيصة وخدمات وقروض يحتاجها المواطن الإفريقي"([3]). مع ذلك يجب الاعتراف للصين أن اهتمامها بافريقيا لم يكن وليد استحقاقات العولمة التي فتحت أعين لاعبين دوليين عديدين على الإمكانات الهائلة من موارد وقوى عمل وأسواق في القارة السمراء، فمنذ عقود كانت الصين تبشر بتصورها في بناء علاقات متوازنة أساسها الصداقة بين الطرفين، وابتداء من القرن الجديد شهد مسار العلاقات الصينية الافريقية تطورا ملحوظا مع تأسيس منتدى التعاون الصيني الافريقي FOCACالذي مثل الإطار الرئيسي للتشاور والحوار بين الصين والقارة الأفريقية، وقد تأسس بمبادرة صينية وعقد مؤتمره الأول ببكين في الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر 2000. يضم المنتدى في عضويته أغلب الدول الافريقية (49 دولة افريقية) ويعقد مؤتمرا وزاريا كل ثلاث سنوات، وكانت آخر دورة نظمها المنتدى هي المؤتمر الخامس الذي أقيم في بكين 19 يوليو 2012، ويصادق المؤتمرون في نهاية كل دورة على خطة لتعزيز الشراكة الصينية - الافريقية الاستراتيجية من تطوير التبادل التجاري وتعزيز التعاون في الاستثمار والتمويل وتعزيز الأطر الفرعية التي تشكل آليات عمل تنفيذ سياسات التعاون الاقتصادي مثل منتدى الأعمال الصيني الإفريقي والغرفة الأفريقية الصينية المشتركة للتجارة والصناعة. "وقد بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والبلدان الإفريقية 160 مليار دولار أمريكي في عام 2011، واستمرت الصين في تقديم مساعداتها التنموية إلي القارة الأفريقية وأعفت 32 دولة افريقية من ديونها ورفعت عدد السلع الأفريقية المعفاة من الرسوم الجمركية إلي 446 نوعا". وعلى صعيد آخر قدمت افريقيا للصين دعما ديبلوماسيا قويا في القضايا الدولية، وفي دعم إعادة توحيد الصين وعدم الاعتراف بتايوان. المحور الأول: مجالات التعاون الاقتصادي بين موريتانيا والصين: عرفت العلاقات الموريتانية الصينية نشأة مبكرة كما أشرنا في المقدمة، وقد تم تأسيس هذه العلاقات على ركيزتين مهمتين: العلاقات السياسية المتعلقة بتقارب وجهتي نظر الطرفين في القضايا الدولية، والأساس الثاني هو التعاون الاقتصادي الذي انطلق مبكرا مع اتفاقية التعاون في المجال الإقتصادي والتجاري سنة 1967م والتي تم تجديدها سنة 2004 كما تم تأطير ورعاية هذه العلاقات الاقتصادية من خلال إنشاء اللجنة المشتركة الموريتانية الصينية سنة 1984م. وسنتعرض في الفقرات التالية لمجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين: 1. تمويل التنمية:
يشكل تمويل التنمية أحد الاحتياجات البارزة للدول النامية بفعل عجز الموارد المحلية واختلال ميزان المدفوعات وتعدد احتياجات التنمية وضعف حركة التطور الاقتصادي، وقد أدت هذه المشكلة إلى اللجوء إلى التمويل الدولي والاقتراض الخارجي وهو ما أحدث معضلة المديونية والتي فاقمت المشاكل التنموية، وفي هذا الإطار شكلت القروض الميسرة التي تقدمها الصين لموريتانيا مساهمة هامة في تمويل التنمية. وتتوزع هذه القروض على مجالات مختلفة لتغطي مختلف اوجه الاحتياجات التنموية من توفير الخدكات العمومية من خلال إنشاء البنى التحتية إلى دعم الموارد البشرية من خلال التكوين ونقل الخبرات والبعثات الصحية والتعليم إضافة إلى الدعم المؤسسي لمختلف القطاعات المهمة، وفي السنوات الأخيرة أصبح البلدان يتبعان سياسة جديدة من خلال إبرام اتفاقية تعاون اقتصادي وفني تغطى بمبلغ كلي ويتم الاتفاق لاحقا على أوجه تنفيذ وتسيير هذا القرض. ويبلغ حجم القروض التي منحت الصين لموريتانيا منذ الانطلاقة المبكرة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين 188.691.560.000 أوقية. فيما يبلغ حجم هذه القروض في العقد الأخير:168 مليار و333 مليون أوقية منها 40 مليار و107 مليون أوقية قرضا من اكسيم بانك، فيما منحت الحكومة الصينية بقية القروض.
وكنموذج على طبيعة هذه القروض الميسرة فإن اتفاق التعاون الإقتصادي والفني الموقع بتاريخ 12 دجمبر2013 في نواكشوط بين موريتانيا والصين والمخصص لتمويل مشاريع التعاون الإقتصادي والتجاري بين البلدين يبلغ مايعادل عشرة (10) مليارات أوقية سيتم تسديدها بدون فائدة على مدى عشرين سنة بما فيها 10 سنوات إعفاء، ويسمح هذا الإتفاق الحالي بتمويل مشاريع تنموية يتم الاتفاق عليها لاحقا. وقد مكنت هذه القروض من تيسير تقديم الخدمات العامة كما ساهمت مساهمة بالغة في تحريك الوضع الاقتصادي من خلال إيجاد مصادر لتمويل مشاريع البنى التحتية ومشاريع خدمات الصحة والتعليم والمياه وغيرها.
2. دعم التنمية: أسهمت الصين إسهاما بالغا في دعم التنمية في موريتانيا من خلال المشاركة في مشروعات البنية التحتية وفي الدعم المؤسسي وفي دعم الموازنة وغيرها، وهي هبات تمتاز بكونها مؤسسة على الصداقة وليست على المقايضات السياسية ولا تتبع بضغوط لتوجيه السياسات المختلفة كما هو الحال في التمويل الدولي غالبا. وقد بلغ حجم الهبات منذ تأسيس العلاقات الاقتصادية بين موريتانيا والصين: 73,331,660,000 أوقية أي ما يعادل 1.745.840.000 إيوان. وقد شملت تلك الهبات أهم القطاعات الحيوية مثل التنمية الريفية والصحة والتعليم وغيرها.
3. الاستثمارات الصينية المباشرة في موريتانيا:
بلغ حجم أعمال الشركات الصينية المقاولة في مو ريتانيا أرقاما معتبرة وتشمل هذه المقاولات مجالات الصيد والإنشاءات والمعادن والمياه وبعض المقاولات الصغيرة. ومن بين أشهر الاستثمارات نشاط شركة "هوندونك" التي أثارت اتفاقيتها لغطا إعلاميا وسياسيا واسعا، وقد استثمرت المؤسسة 100.000.000 دولار في مجال الصيد، وفق اتفاقية موقعة بينها مع وزارة الصيد والاقتصاد البحري يمتد العمل بها لمدة 25 سنة، وبموجب تلك الاتفاقية تقوم الشركة ببناء مجمع صناعي يضم مصنعا لتحويل الأسماك ومجمعا للتبريد ومصنعا للثلج ومصنعا لدقيق السمك وورشة لتصنيع زوارق الصيد التقليدي ومركزا للتأهيل وإعادة التأهيل على أن يتم إنجاز هذا الاستثمار في أجل لا يتجاوز 6 سنوات، في مقابل هذا الاستثمار تمنح الدولة الموريتانية للشركة الصينية ضمانات ومزايا مالية وقانونية وتجارية مهمة؛ حيث نصت الاتفاقية على حق الشركة في الولوج المباشر وغير المباشر للموارد، بالإضافة إلى تطبيق نظام جمركي وضريبي مميزين وتتعهد الشركة بتوفير 2463 فرصة عمل ونقل الخبرة في المجال الذي تمارس فيه نشاطها، وتقديم موارد مالية للحكومة الموريتانية.
المحور الثاني: آفاق وتحديات التعاون الاقتصادي الصيني الموريتاني: التبادل التجاري: الخلل وضعف الجودة: توسع التبادل التجاري بين موريتانيا والصين بحيث غدت السوق الصينية مصدرا رئيسيا للسوق الموريتانية في المستوردات الاستهلاكية المختلفة وحتى التجهيزات والمعدات، كما تعتبر موريتانيا مصدرا رئيسيا للأسماك والحديد للصين، وقد بلغت الصادرات الموريتانية للصين 225.284 مليون أوقية في حين وصلت الواردات الموريتانية من الصين في نفس السنة إلى ,936.074 مليون أوقية. وهو رقم كبير في مجموع الواردات الموريتانية التي وصلت في هذه الســنة,8 689.617 مليون أوقية. إن التحدي المتعلق بهذا الموضوع هو ضرورة سعي الصين إلى تحقيق المنافسة العالية لمنتوجاتها وفتح أسواق موريتانيا وافريقيا أمام منتجاتها من خلال تطوير سلعها المصدرة إلى افريقيا وتحقيق ميزات تنافسية لهذه السلع التي غدت سمعتها في السوق سيئة بفعل التمالؤ بين الموردين وبفعل سياسة الرخص التي تتبعها الصين والتي لا تحقق في نظرنا انتشارا واسعا ودائما في الأسواق. جدول (3) يبين حجم التبادل التجاري بين البلدين (الوحدة : مليون أوقية):
تعزيز الاستثمارات الصينية في موريتانيا وتطوير هذه الاستثمارات بحيث تتعدى مستوى المقاولات الصغيرة جدا، والتي قد تشكل سببا للاحتكاك ومنافسة العمالة المحلية إلى مستوى الاستثمارات الكبيرة التي تحرك النشاط الاقتصادي، ونظرا لوضعية موريتانيا كاقتصاد ناشئ وفي ظل التسهيلات والسياسات الحكومية التي تسعى لخلق بيئة ستثمارية موائمة فإن الصين مدعوة لمنافسة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجالات الصناعات الاستخراجية والزراعة والخدمات وفي مجالات أخرى عديدة خصوصا في ظل إطلاق المنطقة الحرة في نواذيبو التي بدأت في جذب مستثمرين عديدين من مختلف مناطق العالم كما تجلى ذلك في تنظيم الحكومة لمنتدى الاستثمار الخليجي الذي نظم المشاركون فيه زيارة لمنطقة نواذيبو الحرة ولمناطق الضفة وتم الإعلان على هامش عن اسثمارات هامة في مختلف المجالات، وفي هذا الإطار سنقف مع أهم السياسات الحكومية التي تتبعها الدولة الموريتانية لجذب الاستثمارت الأجنبية : 1. ترقية القطاع الخاص: يمكن القول إن خطوات تم قطعها بشكل ملموس في السنوات السابقة، تم التراجع عن بعضها، خصوصا ما يتعلق بإنشاء مفوضية لترقية الاستثمارات ومجلس رئاسي للاستثمار، حيث تم حل المفوضية واختفى أي وجود فعلي للمجلس، ورغم تلك الانتكاسة فيمكن القول إن الدولة على مستوى التوجهات المعلنة وبعض الإجراءات المهمة لا زالت تولي هذا الموضوع الأولوية اللازمة رغم بعض الهِنات والمؤشرات السلبية المتعلقة بالإرادة السياسية والقرارات "السيادية"، ويمكن تلمس بعض الجوانب المتعلقة بترقية القطاع الخاص من خلال الإجراءات التالية: - تسهيل التجارة الخارجية وتحرير الاقتصاد، الشيء الذي مكن من تزايد دور القطاع الخاص في نشاطات التصدير، والتصنيع والتسويق. - إخراج مدونة للاستثمارات كإطار قانوني شامل يهدف إلى تعزيز الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتقديم التسهيلات الضرورية لنموه وانتعاشه. - تشجيع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص: ورغم أن الشراكة بمفهومها التقني الخاص لا زالت في طور النشوء ولم يتم بناء تجربة متجسدة بفعل قلة أعداد المشاريع المشتركة، إلا أن الشراكة كمفهوم عام حاضرة في سياسات الدولة بما يؤكد دورا متزايدا للقطاع الخاص في الحياة الاقتصادية. وفي إطار هذه الشراكة يمكن الحديث عن أطر تنظيمية موجودة وأخرى يجري الحديث عن إنشائها، فعلى مستوى الأطر التنظيمية الموجودة نجد الدور البارز الذي تضطلع به غرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية كإطار تمثيلي لمصالح القطاعات الإنتاجية والخدمية لدى الحكومة بما يحقق كفاءة الأنشطة ونمو وتأهيل القطاع الخاص، بالإضافة إلى تمثيل الهيئات المهنية (اتحاد أرباب العمل...) في مواقع ذات صلة في بعض المديريات بوزارة الشؤون الاقتصادية والتنمية، وفي السلطة العليا لتنظيم الصفقات العمومية. 2. الإصلاحات القطاعية: سعت الدولة إلى جملة من الإصلاحات من خلال تكثيف التشاور مع الفاعلين في القطاع الخاص والتجمعات المهنية من أجل الخروج باستراتيجيات قطاعية وإصلاحات مؤسسية وتشريعية، وكان لذلك نتائج مهمة في بعض القطاعات من خلال إنتاج خطط وقوانين توجيهية، كما هو الحال في القطاع الريفي بشقيه الزراعي والرعوي (استراتيجية القطاع الريفي، مدونة المراعي، مدونة تنمية المواشي)، كما تم اتخاذ جملة من الإصلاحات على مستوى القطاع المالي والقطاع المعدني والنفطي. أ. القطاع المالي: اتخذت الدولة جملة من الإصلاحات تمثلت في([4]): إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي؛ إصدار قانون تنظيم مؤسسات التمويل الصغيرة؛ قانون تنظيم مؤسسات الإئتمان؛ تعزيز الإشراف المصرفي؛ مراقبة مهنية سوق الصرف؛ مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ؛ التكامل المالي الإقليمي؛ التحديد المتجدد لسياسة النقد؛ فتح القطاع المصرفي أمام المنافسة الأجنبية. ب. القطاع المعدني: تم تحديث قانون التعدين 1999 في سنة 2009 وذلك من أجل: تزويد المستثمرين في قطاع المعادن بالمميزات التنافسية. تطبيق قاعدة ( من يأتي أولا يخدم أولا ). إعفاء كلي من الحقوق الجمركية أثناء فترة الاستكشاف. إعفاء كلي من الحقوق الضريبية لدى التصدير ومن الرسوم والإتاوات خلال فترة الاستكشاف، نسب ذات تنافسية عالية، إعفاء كلي أثناء السنوات الثلاث الأولى من الاستغلال، نسب جعل ضعيفة، إعفاء ضريبي بالنسبة للأرباح المستثمرة. تبسيط وتناسق جميع النظم الضريبية والجمركية. كما تم تكميل مدونة المعادن باتفاقية التعدين النموذجية والتي تضمن للمستثمر بقاء الضرائب ثابتة طوال فترة التشغيل. ج. قطاع الطاقة: اتخذت الدولة خطوات مهمة في هذ الإطار: انضمام موريتانيا منذ سبتمبر 2005 إلى مبادرة الشفافية في الصناعة الإستخراجية؛ مراجعة الإطار القانوني لجعله أكثر وضوحا وأكثر تماسكا؛ تحرير أنشطة استيراد وتخزين وتوزيع المنتجات النفطية؛ إلغاء احتكار توفير الخدمات الكهربائية على امتداد التراب الوطني؛ استحداث إطار قانوني يشجع مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الكهربائية؛ ضريبة الأرباح التجارية والصناعية: نسبة ثابتة طيلة مدة التعاقد، الضرائب الأخرى: القيمة المضافة، ضريبة الرواتب والأجور (سقف 35% للعمال الأجانب). الإعفاء من أية ضريبة أخرى: ضريبة الرواتب والأجور، عوائد الأصول العقارية، رقم الأعمال، رسوم التدريب، رسوم نوعية، حقوق التسجيل والطابع، وأية رسوم أو حقوق أو اشتراكات أخرى طالما أن الأمر يتعلق بالعمليات النفطية. نظام ضريبي مبسط للشركات الأجنبية التي تقدم خدمات من الباطن لحساب متعاقدين. وضع إطار جديد يهدف إلى منح المستثمرين بيئة قانونية واضحة ومبسطة لزيادة التزاماتها على المدى الطويل جنبا إلي جنب مع الحكومة الموريتانية. 3. السياسات الضريبية: في موريتانيا وضعت مجموعة من الأهداف تتغيى الإصلاح الضريبي، شملت([5]): تطوير الإدارة الجبائية؛ توسيع الوعاء الخاضع للضريبة ليشمل أكبر قدر ممكن من الممولين؛ إصلاح الجباية غير المباشرة بإدخال الضريبة على القيمة المضافة؛ تبسيط الإجراءات الإدارية الجبائية؛ تخفيف العبئ الضريبي على الممولين؛ وضع برنامج لمراجعة وإلغاء بعض الاعفاءات. وتمت ترجمة هذه الأهداف الى إجراءات وقوانين، ومن بين تلك الإجراءات([6]): تبسيط الإجراءات، ويشمل استحداث وضع إشعار التحصيل ووضع هيكل تنظيمي جديد وتدعيم الإدارة الجبائية وتعزيز إدخال المعلوماتية. أما الاصلاحات التشريعية فتمثلت في التالي: إدخال الضريبة على القيمة المضافة (14% على الورادات و0% على الصادرات)؛ إصلاح الضريبة الجزافية الدنيا: وذلك بنقلها من ضريبة على رقم الأعمال إلى وضع اقتطاع أولي على ضريبة الربح؛
تخفيض الضرائب على الدخل وخاصة الضرائب على الدخول العقارية التي تم تخفيضها من 10% إلى 6% من القيمة الكرائية. 4. الإصلاحات القانونية والتنظيمية: تسعى الدولة الموريتانية من خلال تحديث إطارها التشريعي والتنظيمي إلى تحقيق المتطلبات والمقتضيات اللازمة لتشجيع وجذب الاستثمارات وضمان مواكبة التوجهات والسياسات التي تم اتخاذها كمرجعية حاكمة في هذا المجال. وقد طالت عملية الإصلاح والتحديث هذه مجالات عديدة بعضها عام كاعتماد قانون شامل للاستثمار: (مدونة الاستثمار التي تمت المصادقة عليها يوليو 2012)، وبعضها متعلق بإنشاء قوانين توجيهية للقطاعات الإنتاجية، ومدونات لبعضها (قطاع المعادن)، وقوانين تنظيمية للقطاع المالي والمصرفي، كما تم التصديق من طرف البرلمان على قانون إنشاء منطقة حرة في نواذيبو تطبيقا لمواد في المدونة اعتَمدت إنشاء هذه المناطق، ويعتبر إطلاق هذه المنطقة مؤشرا واضحا على سياسات التشجيع الاستثمارية، خصوصا مع اختيار منطقة نواذيبو كخليج حيوي لنشاط الصيد السمكي.
إن على الجانبينإنتاج آليات تنظيمية وسياسات واضحة لإدارة شراكة عادلة، بدءا بمعايير وقواعد الاستثمار، سواء تعلق ذلك بتحسين مناخ وبيئة الأعمال القانونية والإدارية أو بتعزيز الإجراءات والميزات التفضيلية التي قد يمنحها الطرفان لبعضهما بغية تيسير المقاولات والاستثمارات ومنحها أفضلية على غيرها، أو تعلق بالكفاءة الفنية في إدارة المشروعات التي يتم إطلاقها بالشراكة بين الجانبين.
شراكة شعوب لا دعم أنظمة: لقد أصابت علاقات البلدان العالمثالثية ببلدان المركز انتكاسات متوالية، وهناك إحساس بالغبن لدى شعوب هذه البلدان وعدم ثقة في شعارات الحكومات الأوروبية وحكومات أمريكا بسبب الخبرة التاريخية لشعوب المنطقة التي أثبتت أن هذه البلدان فرطت في المصالح العليا لبلدان الجنوب من خلال التمالئ مع أنظمة فاسدة من خلال عملية تراض تبيع من خلاله هذه الحكومات توفير الشرعية السياسية والغطاء السياسي والأمني لهذه الأنظمة مقابل النهب الممنهج لثروات أمم الجنوب، وهو ما يوجب على الصين وهي تسعى لخلق شراكة استراتيجية ان تؤسس لهذه الشراكة مع الشعوب وان تلعب دورا رياديا في تعديل هذا الوضع الامبريالي في التعاطي مع شعوب المنطقة، فتكون شراكتها مع شعوب وليست مع أنظمة يمكَّن لها من خلال الدعم السياسي والاقتصادي. وهو ما يمكن تجسيده من خلال بناء علاقات اقتصادية وسياسية شفافة تبتعد عن الزبونية مع أي نظام، كما تتأسس على الشفافية ومحاربة الفساد، بحيث تصبح العلاقات الاقتصادية مترجمة فعلا لشراكة المصالح المتبادلة وللعدالة، وهو ما سيمكن الصين من لعب دور بنائي، ويغلب النظر إلى تدخلاتها باعتبارها صداقة ودعما تنمويا لابحسبانها انتهازية وتمالؤا مع نظام أو استغلالا لحاجة شعب. إن الحديث عن الفساد في صياغة الاتفاقات الاقتصادية وضعف الاهتمام بالمعايير الدولية للشفافية في إدارة وتسيير المشاريع العامة سيشكل ضربة قوية لرسوخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويُضعف الاحتضان المجتمعي لهذه العلاقات وهو أمر يحرص عليه الصينيون كما يحرص عليه الموريتانيون.
[2]) مضامين مبثوثة في وثيقة سياسات الصين في افريقيا. [3]) العلاقات الصينية الإفريقية.. الديمقراطية والتوزيع: [4])ورقة مناخ الأعمال في موريتانيا: موقع غرفة التجارة والصناعة والزراعة، بتصرف، على الرابط التالي: http://www.chambredecommerce.mr/spip.php?article74 [5]) سيد أحمد ولد دشاق، مدير المصادر بالإدارة العامة للضرائب (2004): تجربة الإصلاح الضريبية في موريتانيا، ورقة مقدمة لملتقى الممارسات الإدارية الناجحة المنظم من طرف المنظمة العربية للتنمية الإدارية /الجامعة العربية، نواكشوط: 14-15 يونيو، 2004. [6]) المرجع نفسه. |